الرئيسية أمن و عدالة كلمة السيدة جميلة المصلي وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة بمناسبة اجتماع اللجنة المركزية لقيادة خطة عمل حماية الأطفال من الاستغلال في التسول

كلمة السيدة جميلة المصلي وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة بمناسبة اجتماع اللجنة المركزية لقيادة خطة عمل حماية الأطفال من الاستغلال في التسول

2 فبراير 2021 - 0:54
مشاركة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السيد الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة

حضرات السيدات والسادة

يسعدني أن أرحب بكم في اجتماع اللجنة المركزية لقيادة وتتبع خطة عمل حماية الأطفال من الاستغلال في التسول الذي نخصصه لتقديم حصيلة فرق العمل الميداني بالرباط وسلا وتمارة، كتجربة نموذجية، وذلك بعد مرور سنة على إعطائنا الانطلاقة لخطة العمل خلال اجتماعنا بتاريخ 04 دجنبر 2019.

وهي مناسبة لتقييم التجربة النموذجية والوقوف على مرتكزات وآفاق توسيعها لتشمل عمالات وأقاليم أخرى، حتى نتكمن جميعا من ضمان الحماية لجميع الأطفال فوق التراب الوطني من هذه الآفة الاجتماعية، ونهج مقاربة استباقية لمعالجة التداعيات الاقتصاديات والاجتماعيات لوباء كورونا على الأسر والأطفال في وضعية هشة والتي يعتبر الأطفال من الفئات الاجتماعية الأكثر عرضة لتبعاتها.

وأغتنم هذه الفرصة لأنوه بالجهود التي قام بها ممثلو وممثلات السلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والأمن والوطني والدرك الملكي، باعتبارهم الحلقة الأولى في مدار حماية الأطفال ضد جريمة الاستغلال في التسول، كما أنوه بجهود ممثلي وممثلات القطاعات الوزارية على انخراطهم في هذا الورش والجهود التي يقومون لتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية والتربوية للأطفال، وكذا جهود الجمعيات الشريكة ومساهمتهم في إنجاح هذا الورش.

ولا يسعني إلا أن أحيي الجهود التي قام بها ممثلو التعاون الوطني، من عاملين اجتماعيين وعاملات اجتماعيات ومسؤولين إقليميين وجهويين، سواء على مستوى اضطلاعهم بمهام الكتابة الدائمة لفريق العمل الميداني أو على مستوى تقديم المساعدة الاجتماعية للأطفال والأسر.

 

حضرات السيدات والسادة

لقد عشنا في سنة 2020 فترة استثنائية مرتبطة بانتشار وباء فيروس كورونا، مما كان له تأثير على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا استدعى منا جميعا، تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله ، من ملائمة تدخلاتنا مع متطلبات الوضعية الوبائية.

فإذا كانت دينامية فريق العمل الميداني لحماية الأطفال من الاستغلال في التسول قد بلغت أوجها خلال الأشهر الأولى من سنة 2020، حيث تم إلى غاية نهاية شهر فبراير 2020، تسجيل حصيلة مكنت من معالجة 97 حالة، فإن المرحلة التي تلتها قد تميزت بالإجراءات المرتبطة بالحجر الصحي وتقييد الحركة، وهي الإجراءات التي التزم بها جميع المواطنات والمواطنين، مما ساهم في غياب ظاهرة استغلال الأطفال في التسول.

وبعد الرفع التدريجي للحجر الصحي وعودة الحياة تدريجيا إلى طبيعتها، وبفعل التداعيات الاجتماعية لوباء كورونا على الأشخاص والأسر، عملنا على تكثيف جهودنا، كفريق عمل واحد، للوقاية من استفحال الظاهرة جراء التداعيات الاجتماعية الحادة للجائحة. وأود بهذه المناسبة أن أشكر السيد رئيس النيابة العامة، على مواكبته وحرصه المتواصل على الدفع بالتفعيل الأمثل لخطة عمل حماية الأطفال من الاستغلال في التسول.

وبفضل العمل الجماعي، وانخراط جميع الفاعلين، تمكنا خلال الفترة من نهاية يوليوز إلى 15 دجنبر 2020 من حماية 45 طفل، ليصل العدد الإجمالي منذ بداية الخطة إلى حماية 142 طفل، تتوزع بين 79 من الإناث و63 من الذكور.

حضرات السيدات والسادة

لقد عملت كل من وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة ورئاسة النيابة العامة على مواكبة فريق العمل الميداني عن قرب، حيث حرصنا على تنظيم اجتماعات تنسيقية منتظمة للوقوف على تقدم الانجاز ومعالجة الصعوبات الميدانية، وذلك بغية توفير الظروف الملائمة لنجاح المرحلة التجريبية واستخلاص الدروس التي من شأنها إغناء التدابير التي جاءت بها خطة العمل، ومن بين أهم الخلاصات التي وقفنا عليها خلال هذه الفترة، نذكر ما يلي:

وجود إرادة قوية لدى مختلف مكونات فريق العمل وانخراط كافة الفاعلين وإجماعهم على أولوية حماية الأطفال من الاستغلال في التسول؛

أهمية الإيواء الاستعجالي المؤقت باعتباره من الحلقات الضرورية في مدار حماية استغلال الأطفال في التسول، وجدوى توسيع فريق العمل الميداني ليشمل الجمعيات الشريكة المسيرة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية؛

الحاجة إلى قاعدة بيانات لتسهيل التواصل والتنسيق بين مكونات فريق العمل الميداني؛

الحاجة إلى دلائل عملية حول البرامج والمشاريع والمراكز الاجتماعية المتوفرة، وذلك بغية توجيه الأسر والأطفال وتسهيل ولوجهم إلى خدماتها، لمعالجة الحالات الاجتماعية المعقدة؛

الحاجة إلى قاعدة موحدة للمعلومات لتتبع الحالات وتجميع المعطيات وإعداد التقارير الدورية.

وعلى مستوى الإيواء الاستعجالي المؤقت، عملت الوزارة، بتنسيق مع التعاون الوطني، على توفير قاعدة للمعطيات حول الأماكن الشاغرة في مجال الإيواء المستعجل بالرباط وسلا وتمارة، وجعلناها في متناول رئاسة النيابة العامة، وهي القاعدة التي أبانت عن توفر 303 مكان شاغر ب 11 مؤسسة للرعاية الاجتماعية للأطفال إلى غاية 01 أكتوبر 2020؛ علما أن تحيين هذه القاعدة قد أبان عن توفر 157 مكان شاغر إلى غاية 14 يناير 2021.

كما حرصنا على تنظيم اجتماع تنسيقي مع الجمعيات المسيرة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية بالرباط وسلا وتمارة، للوقوف على آراءهم واقتراحاتهم واحتياجاتهم، وقمنا على إثر ذلك بدعم ثلاثة مشاريع للجمعيات التي عبرت عن احتياجاتها في هذا الشأن بمبلغ مالي يقدر بحوالي 600.000 درهم. ونحن منفتحون على تلقي مشاريع الجمعيات، وذلك بغية توفير الإيواء الاستعجالي المؤقت وتجويد الخدمات المقدمة للأطفال والأسر.

وفي إطار التنسيق المتواصل مع رئاسة النيابة العامة حول موضوع الإيواء على المستوى الوطني، عملنا على توفير لائحة مُحَيَّنَة لوضعية 81 مؤسسة مرخصة، تتوفر على 2500 مكان شاغر من مجموع طاقة استيعابية تصل إلى 9730 مكان، وذلك إلى غاية 30 نونبر 2020.

وعلى مستوى توفير أدوات ودلائل عملية لفريق العمل الميداني لحماية الأطفال من الاستغلال في التسول، وفرق المساعدة الاجتماعية التي أحدثها التعاون الوطني بالرباط وسلا وتمارة، قامت الوزارة ومؤسسة التعاون الوطني بإعداد 12 دليلا عمليا. وتوفر هذه الدلائل معطيات حول مختلف البرامج الاجتماعية والمشاريع والمؤسسات والمراكز، وذلك بهدف تقوية الانسجام والتنسيق بين مكونات فريق العمل الميداني وتجويد المعالجة الميدانية وملائمتها مع احتياجات الفئة المستهدفة.

كما قامت الوزارة والتعاون الوطني، بتنسيق مع رئاسة النيابة العامة وفريق العمل الميداني، على إعداد قاعدة للمعلومات موحدة لتجميع المعطيات، وكذا توفير استمارة لمساعدة فريق العمل الميداني على تجميع وتصنيف المعلومات المتعلقة بتقييم وضعية كل طفل ومسار التكفل به.

وتجدون بين أيديكم ملفا يتضمن مختلف الأدوات العملية التي انبثقت عن المرحلة التجريبية، والتي يمكن الاعتماد عليها في المرحلة المقبلة لتعميم التجربة على الأقاليم والعمالات.

حضرات السيدات والسادة

لقد وفرت المرحلة التجريبية لخطة عمل حماية الأطفال من الاستغلال في التسول مجموعة من المعطيات الميدانية، مما سيساعدنا على تطوير مقاربتنا لهذه الظاهرة. ويمكن في هذا السياق الوقوف على مجموعة من الخلاصات، أهمها:

أن استغلال الأطفال في التسول يتم في غالبيته من طرف أمهات يعشن أوضاعا صعبة؛

أن حوالي ثلثي الأطفال الضحايا يتراوح سنهم ما بين 0 و04 سنوات، منهم 27 % أقل من سنة.

ويتبين من خلال هذه المعطيات، أهمية توفير أجوبة عملية لمعالجة الأوضاع الاجتماعية للأمهات، وفي هذا السياق، وبالإضافة إلى برامج الدعم الاجتماعي في مجال التماسك الاجتماعي والتكافل العائلي، فإن الوزارة تتوجه نحو اعتبار خطة عمل حماية الأطفال من الاستغلال في التسول آلية لتحسين الاستهداف في المشاريع المتعلقة بالتمكين الاقتصادي للنساء في وضعية، وذلك في إطار البرنامج الوطني المندمج للتمكين الاقتصادي للنساء في أفق 2030 “مغرب التمكين” الذي أطلقته الوزارة، بالإضافة إلى برنامج “تكفل” الذي يتوفر على 37 وحدة للتكوين، حيث يوفر هذين البرنامجين إمكانيات مهمة لتقديم جواب عمومي وطني في هذا الشأن.

ولمواكبة الحالات التي تستدعي المساعدة الاجتماعية للأم والطفل، توفر الوزارة والتعاون الوطني شبكة وطنية تتكون من 65 فضاء متعدد الوظائف للنساء، بالإضافة إلى 20 فضاء في طور الإحداث.

بالإضافة إلى ذلك، تبين الأرقام وجود فئة من الأطفال حديثي الولادة والأطفال صغار السن المعرضين جراء استغلالهم في التسول لمجموعة المخاطر التي تمس حقوقهم الأساسية، ومن واجبنا، بالإضافة إلى المقاربة الإنسانية والاجتماعية، البحث عن حلول زجرية للوقاية من العود.

حضرات السيدات والسادة

لقد أبانت المرحلة التجريبية أن اعتمادنا على فريق عمل ميداني يضم، إلى جانب ممثلي السلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، ممثلي مختلف المصالح اللاممركزة المعنية بتوفير خدمات التكفل الطبي والنفسي والمساعدة الاجتماعية والتربية والتكوين، قد ساهم بشكل كبير في تحقيق المقاربة المندمجة المنشودة لمعالجة آفة اجتماعية يتداخل فيها البعد الزجري مع البعد الانساني والاجتماعي.

كما أن اعتمادنا على وضع ثلاث (3) خلايا للمساعدة الاجتماعية بكل بمندوبيات التعاون الوطني بكل من الرباط وسلا وتمارة، تتكون من 19 عضوا منهم 14 عاملا اجتماعيا وأخصائي نفسي، قد ساهم في توفير خدمات المساعدة الاجتماعية للأطفال والأمهات، وأعطى دفعة نوعية لنجاح الجهود التي تقوم بها رئاسة النيابة العامة وباقي المتدخلين.

بالإضافة إلى ذلك، شكل انخراط الجمعيات التي تسهر على تدبير مؤسسات الرعاية الاجتماعية للأطفال، ودعم الوزارة والتعاون الوطني لقدراتها من أجل توفير الإيواء الاستعجالي المؤقت، دعامة أساسية ساهمت في معالجة العديد من الحالات الاجتماعية المعقدة.

كما أن انخراط جميع الفاعلين، وعلى رأسهم رئاسة النيابة العامة والشرطة القضائية، قد ساهم في الحد من انتشار الظاهرة، بسبب تراجع ممارسة استغلال الأطفال في التسول خوفا من الردع، حيث لاحظ فريق العمل الميداني خلال فترة ما قبل الحجر الصحي، تقلص الظاهرة بشكل كبير خلال فترة ما قبل الوباء، لاسيما بالمجال الترابي لعمالة الرباط.

فالنتائج التي استطعنا تحقيقها خلال سنة من العمل المتواصل، تؤكد أن التجربة النموذجية التي أطلقناها بالرباط وسلا وتمارة، تتوفر على جميع المقومات والشروط الضرورية لنجاحها في باقي الأقاليم، ورفع تحدي حماية الأطفال من الاستغلال في التسول بمجموع التراب الوطني.

وفي الأخير، أتمنى أن يوفقنا الله لما فيه الخير، لنضطلع جميعا، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بواجبنا في النهوض بأوضاع الطفولة وحمايتها.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته