الرئيسية وطنية ملحمة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة مهدت لانطلاق مسلسل البناء والتنمية بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية الشريفة

ملحمة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة مهدت لانطلاق مسلسل البناء والتنمية بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية الشريفة

6 نوفمبر 2023 - 12:04
مشاركة

محمد وردي من سطات// الوطن العربي 

يخلد الشعب المغربي اليوم الذكرى ال 48 للمسيرة الخضراء المظفرة والتي بصمت مجدا حافلا بالبطولات والانتصارات والانجازات و اضحت تاجا في أكاليل التاريخ تحققت بفضل عبقرية ملك حكيم وشعب وفي صادق أمين.

هي إذن ذكرى الحقيقة بشعور خالص و بتعبير صادق وهادف ستبقی عبرة خالدة بلغة ” الاتحاد من أجل التحدي”
إنها فعلا ملحمة وطنية لا مثيل لها,حيث أبهرت العالم بنظامها وانتظامها وهندسة جغرافيتها وتاريخ مجدها واختيار وتحديد وقتها لاسترداد الصحراء إلى حضن وطنها المغرب بطريقة سلمية وفي إطار الشرعية الدولية، جعلت الأعداء في جنون وسعار خانق.
إنه حدث وطني تاريخي كبير جسد اروع صور التلاحم بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي من اجل استكمال الوحدة الترابية للمملكة المغربية الشريفة.
في مثل هذا اليوم قبل 48 عاما اعلن جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه عن انطلاق المسيرة الخضراء المظفرة نحو الاقاليم الجنوبية للمملكة لتحريرها من براثن الاستعمار الاسباني .

مسيرة توحدت فيها كافة مكونات الشعب المغربي بكل قواه الحية مستجيبة لنداء الوطن وراء مهندس المسيرة السلمية جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه. يوم مشهود استعدت فيه حشود المواطنين البالغ عددهم 350 الف شخص سندهم إصدار محكمة العدل الدولية بلاهاي رأيها الاستشاري معترفة بحق المغرب على صحرائه، معللة ذلك بكون هذه الربوع لم تكن يوما أرضا خلاء وان هناك روابط بيعة متجدرة بين سلاطين المغرب وأبناء الصحراء المغربية .
الذكرى الحدث .. محطة تاريخية توجه خلالها المتطوعون صوب الاقاليم الجنوبية بإيمان قوي لاسترجاع حقهم المسلوب مسلحين بالمصحف الكريم ومجندين بروح وطنية عالية بكل إخلاص وتضامن و تلاحم متين حاملين الاعلام الوطنية ومترددين اناشيد النصر والتمكين.

وقد جسدت المسيرة الخضراء، التي انطلقت في السادس من نونبر عام 1975، مبادئ تشبث المغاربة بترابهم الوطني والتحام الشعب بالعرش، وإجماع كافة فئات وشرائح المجتمع المغربي على الوحدة، ومثالا يحتذى عن نبذ العنف والتشبع بقيم السلام.

وجسد قرار الإعلان عن المسيرة الخضراء، حرص جلالة المغفور له الحسن الثاني على تجنيب المغرب والمنطقة حربا مدمرة، فكان أن اتخذ قراره الحكيم القاضي بتنظيم مسيرة سلمية والدعوة إلى نبذ العنف واللجوء، في المقابل، إلى الحوار لتسوية النزاعات وتحرير أرض مغربية منذ فجر التاريخ.

ومهدت المسيرة الخضراء المظفرة لانطلاق مسلسل البناء والتنمية بالأقاليم الجنوبية للمملكة، حيث بدأت تعبئة وطنية حقيقية من أجل النهوض بمختلف آليات التنمية بهذا الجزء الأصيل من التراب الوطني بغرض محو مخلفات المرحلة الاستعمارية وتمكين هذه المناطق من بلوغ ركب التنمية على غرار باقي جهات المملكة. ولتحقيق هذه الغاية، تم إطلاق مشاريع تنموية كبيرة، وضعت رفاهية المواطن في صلب الأولويات، وهو ما مهد الطريق أمام تحول عميق في الأقاليم الجنوبية.
وقد تم إرساء هذا التحول الجذري على أسس متينة أقامتها المملكة لتطوير البنيات التحتية الحيوية في منطقة لم تشهد أي تنمية اقتصادية أو اجتماعية خلال فترة الاحتلال الإسباني، حيث تعيش الأقاليم الصحراوية اليوم، وبعد ما يزيد عن أربعة عقود من استرجاعها، على وقع دينامية متجددة تهم كافة مجالات التنمية.
وهمت هذه الدينامية الشاملة عدة قطاعات، منها على الخصوص، التعليم والصحة، والتهيئة الحضرية، والطرق والماء والطاقات المتجددة والفلاحة والنقل، والسياحة والتشغيل، والصناعة التقليدية، والصيد البحري، والبيئة والثقافة.

وترتكز هذه الجهود على الإرادة الملكية السامية لجعل الصحراء المغربية قطبا اقتصاديا مهما على المستوى الوطني والقاري والدولي، خاصة مع اعتماد النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2015 .

ويعمل المغرب على تنمية أقاليمه الجنوبية من خلال إشراك وإدماج كل مكونات الساكنة المحلية، بما فيها القبائل والنساء والشباب والفاعلين ‏السياسيين، خاصة بعد إطلاق صاحب الجلالة الملك محمد السادس للنموذج التنموي الجديد ‏للأقاليم الجنوبية.

ومكنت هذه المبادرة القوية من جلب استثمارات بملايير الدولارات خصصت لمشاريع سوسيو-اقتصادية، مهيكلة ‏على مستوى المنطقة، ضمنها ميناء الداخلة الأطلسي، أكبر موانئ القارة الإفريقية في مياه عميقة، إضافة إلى كلية الطب ‏والصيدلة بالعيون، وهي من كبريات كليات الطب في المملكة.‏

وقد أدى هذا الزخم التنموي الذي تشهده أقاليم الصحراء المغربية إلى تحقيق تحسن ملحوظ في نموها الاقتصادي وجودة عيش ساكنتها، وهو ما يتجلى في الارتفاع المتواصل في معدل الاستهلاك وتقليص الفقر والفوارق الاجتماعية.

أما على الصعيد الدبلوماسي، فقد حققت المملكة، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة والمهابة انتصارات كبرى تدفع في اتجاه الطي النهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

وشكل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية التاريخي بمغربية الصحراء، واعتراف إسبانيا بالمخطط المغربي للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، والموقف الألماني الجديد تجاه المخطط، وافتتاح العديد من القنصليات بمدينتي العيون والداخلة، تعبيرا رسميا للاعتراف الدولي بمغربية الصحراء وعدالة القضية الوطنية.

وتعيش الصحراء المغربية على إيقاع دينامية سوسيو-اقتصادية، نتيجة الإصلاحات الكبرى التي باشرها المغرب والدينامية الديمقراطية التي تعرفها بمشاركة جميع الصحراويين في الاستحقاقات الانتخابية التي تسجل أعلى معدلات مشاركة في صناديق الاقتراع، إذ تختار ساكنة الأقاليم الجنوبية ممثليها الشرعيين عبر انتخابات حرة ونزيهة، لاسيما ما عكسته مشاركتهم المكثفة في الانتخابات العامة التشريعية والجهوية والمحلية التي جرت بالمملكة في شتنبر 2021.

وسجلت ساكنة الصحراء المغربية خلال هذا الاقتراع الثلاثي حضورا مميزا بمشاركة تجاوزت 63 في المائة، وهي أعلى نسبة على مستوى المملكة.

لقد شكلت المسيرة الخضراء المظفرة محطة تاريخية ذات دلالات عميقة تؤرخ لصفحات مشرقة من النضال الذي خاضه المغاربة، ملكا وشعبا، في مسيرة تحقيق واستكمال الوحدة الترابية، وحدثا يلهم الأجيال في النضال من أجل إعلاء صروح المغرب الجديد، وتعزيز مكانته المتألقة وأدواره الرائدة بين الأمم والشعوب.