الرئيسية أمن و عدالة القانون القضائي في تجريم العنف ضد النساء بين النقص في بنود الأحكام وواقعها الحالي:

القانون القضائي في تجريم العنف ضد النساء بين النقص في بنود الأحكام وواقعها الحالي:

12 مارس 2020 - 22:25
مشاركة

 

برئاسة المحكمة الزجرية للدار البيضاء

القانون القضائي في تجريم العنف ضد النساء بين النقص في بنود الأحكام وواقعها الحالي:

 

استهله المشرع المغربي بتحديد الإطار المفاهيمي لمفهوم العنف ضد المرأة وأنواعه وميز من خلاله بين العنف الجسدي والعنف الجنسي والعنف النفسي والعنف الاقتصادي.

حدد مجموعة من المقتضيات التي همت تعديل بعض النصوص المنضوية بالقانون الجنائي سواء من حيث تشديد العقوبة في بعض الأفعال التي تصب في مختلف أنواع العنف الممارس ضد المرأة سواء بمضاعفة عقوبة السب والشتم أو بتجريم التحرش الجنسي المرتكب في الفضاءات العمومية أو الممارس من قبل زملاء العمل أن من أشخاص حفظ النظام العام.

إضافة إلى تجريم تبديد الأموال من أحد الزوجين بسوء نية، وأيضا تجريم الطرد من بيت الزوجية.

فرض المشرع إلى جانب هذه العقوبات تدابير حمائية ووقائية اتجاه مرتكب العنف لفائدة الضحية من قبل.

منع مرتكب العنف من الاتصال بالضحية أو الاقتراب من مكان تواجدها أو التواصل معها بأية وسيلة إلى حين بث المحكمة في القضية، أو لمدة لا تتجاوز الخمس سنوات ابتداء من تاريخ انتهاء العقوبة المحكوم بها عليه، أو من تاريخ صدور المقرر القضائي.

غير أن المشرع المغربي في هذا الإطار لم يحدد الآلية الواجب اعتمادها لتنفيذ هذه المقتضيات سواء من قبل المحكمة أو من قبل السلطة المحلية، كما لم يفصل في سبل المنع من التواصل، ولم يرتب جزاء على ذلك.

إنذار المعتدي بعدم الاعتداء في حال التهديد بارتكاب العنف مع تعهده بعدم الاعتــــداء.

إشعار المعتدي بأنه يمنع عليه التصرف في الأموال المشتركة للزوجين.

إخضاع المحكوم عليه بعلاج نفسي ملائم.

“(مسألة إخضاع المعتدي لعلاج نفسي ملائم التساؤل هنا هل تتوفر الجهة القضائية التي أقرت بمثل هذا التدبير على الآليات اللازمة والوسائل لتتبع هذا التدبير)”.

الإيداع بمؤسسات الإيواء أو مؤسسات الرعاية الاجتماعية للضحية المعنفة التي تحتاج إليها.

“(من خلال الممارسة الواقعية صدور أمر في هذا الإطار يصطدم بواقع عدم وجود مراكز الإيواء لكون الدولة لم توفر هذه المؤسسات)” إذا ما تحدثنا عن هذا القانون مكن تسجيل مجموعة المقتضيات الإيجابية التي أتى بها هذا القانون، غير أنه على مستوى الواقع العلمي نجد أن هناك صعوبة في التنزيل الفعلي لهذا القانون نتيجة مجموعة من الأسباب من ضمنها:

  • صعوبة إثبات العنف الممارس ضد المرأة خاصة على مستوى التحرش الجنسي الممارس بأماكن العمل أو الممارس من قبل الأشخاص المكلفون بحفظ النظام العام.

خاصة وأن المرأة في مثل هذه الحالة تبقى تلك الحلقة الضعيفة، لأنها ملزمة بإثبات الضرر اللاحق بها، وهو ما يصعب إثباته في معظم الحالات، مما ينتج عنه عنفا نفسيا يضاف للعنف الجنسي الذي تعرضت له.

من سلبيات هذا القانون أيضا أنه قيد العنف الممارس ضد المرأة بوجوب ترتب ضرر نفسي أو جسدي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة، وبالتالي فالعنف المرتكب دون إحداث الضرر غير مجرم، كما أن إثبات الضرر النفسي في معظم الحالات لا يمكن أن يتم لصعوبة الإثبات.

القانون وضع تعريفا حصريا للعنف دون ترك المجال للسلطة القضائية في تكييف النص حسب تطور المجتمع، خاصة ونحن الآن أمام تطور الوسائل الرقمية التي من شأنها أن تنتج عنفا من نوع آخر.

غياب الوسائل البديلة للعقاب على اعتبار أن العنف الممارس من قبل الزوج ضد الزوجة من شأن تطبيق عقوبة زجرية في حقه المساس باستقرار الأسرة.

قيد القانون المتابعة بوجوب تقديم شكاية من الشخص المتضرر، وأن التنازل عن هذه الشكاية يضع حدا للمتابعة، والحال أنه في كثير من الأحيان تتعرض المرأة المعنفة (خاصة الزوجة) لعنف نفسي آخر بعد تقديمها الشكاية في حق الزوج من قبل الأسرة والمجتمع على اعتبار أنها أخطأت في تقديم الشكاية ضد زوجها الذي عنفها سواء جسديا أو جنسيا وألحق بها ضررا على اعتبار أن الأعراف والتقاليد المجتمعية لا تسمح بمثل هذا السلوك في حال ممارسته من قبل الزوجة.

المادة الخامسة أقرت على أن الصلح المبرم بين الطرفين يضع حدا للمتابعة، “(التساؤل في هذه الحالة عن التدابير الواجب اتخاذها لمعرفة ما إذا كان الصلح ناتج عن خوف أو ابتزاز باعتباره نوع آخر من أنواع العنف)”.

وأخيرا يمكن القول أنه من ضمن الأسباب الداعية إلى النقص في التفعيل اللازم لهذا القانون.

  • امتناع جهاز الأمن عن التدخل أثناء ارتكاب العنف داخل الأسرة بدعوى أنه لا يمكنه التدخل إلا في حالة وجود أضرار بليغة.
  • جهل المرأة بصفة عامة بحقوقها وواجباتها وكيفية الاستفادة بهذا القانون لحمايتها.
  • واقع الدونية الذي تعيشه المرأة بسبب الموروث الثقافي الذي يلعب دورا مهما في تحديد الأدوار المجتمعية.