الرئيسية أمن و عدالة التكفل القانوني بالنساء والآليات الحمائية المحدثة في إطار قانون محاربة العنف رقم 13-103

التكفل القانوني بالنساء والآليات الحمائية المحدثة في إطار قانون محاربة العنف رقم 13-103

30 نوفمبر 2018 - 14:15
مشاركة

على هامش نشاطها عقدت اللجنة الملحية للتكفل بالنساء والأطفال اللقاء التواصلي حول موضوع : التكفل القانوني بالنساء والآليات الحمائية المحدثة في إطار قانون محاربة العنف رقم 13-103 تحت اشراف وكيل الملك ورئيس المحكمة الزجرية بالبيضاء.

وهذا اللقاء جاء تنزيلا لمقتضيات القانونية المنصوص عليها في القانون رقم 13-103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والذي على إثره عقدت اللجنة المحلية المنصوص عليها في المادة 15 من نفس القانون اجتماعا تفعيلا للمقتضيات القانونية.

وقد حضر هذا اللقاء التواصلي عدد كبير من الفعاليات القضائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء والمحكمة الابتدائية الزجرية بالبيضاء كما حضر اللقاء نخبة من رؤساء الجمعيات والمجتمع المدني وجمع من رجال الصحافة والإعلام، وقد كان الحاضرون يمثلون دعما قويا لهذا التواصل الاجتماعي المهم.

ومن بين الحضور الأستاذة مساعد نجاة وكيلة الملك بالمحكمة الابتدائية الاجتماعية بالدار البيضاء وهي تعتبر من قيدومي وكلاء الملك بالمغرب، كما أنها رائدة في مجال التشريع القضائي الأستاذة عزيزة البستاني قاضية الاحداث بالمحكمة الزجرية بالدار البيضاء التي تعتبر في تعاملها أما للأحداث رغم تشبعها بالنصوص القانونية الشيء الذي جعل كل من يعرفها يحبها ويحترمها الأستاذ حسن الحسني العلوي عن المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بالدار البيضاء الدكتور عز الدين مسطار طبيب علم النفس، وهو يعد عضوا بارزا في مجال الأعمال الاجتماعية ويوجد دائما على استعداد لتلبية المشاركة في أي عمل اجتماعي هادفا حتى أن هاتفه لا يفارق أذنه و ايضا حتى لا ننسا الاستاذة  عذراء نائبة وكيل الملك …

وقد افتتح اجتماع هذا اللقاء الأستاذ محمد انيس وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء الذي نوه بالحضور ورؤساء الجمعيات والمراصد ورجال الإعلام كما خص بالتنويه خلية العنف ضد النساء والأطفال بجميع أعضائها والمشرفات الاجتماعيات العاملات بها وعلى رأسهم الأستاذة رابحة فتح النور النائبة الأولى لوكيل الملك رئيس الخلية ومنسقة اللجنة المحلية للتكفل بالنساء والأطفال وهي التي منذ أن أخذت على عاتقها مسؤولية الخلية وهي تعمل على ارساء قواعدها التي ترتكز على النصوص القانونية كما أنها لا تنفك بمعية المشرفات الاجتماعيات على الأخذ بيد المعنفات من النساء والمعنفين من الأطفال حتى ينلن حقوقهن وحقوقهم القانونية والوصول إلى بر الأمان وقد كان لكلمة الأستاذة رابحة فتح النور الصدى القوي في نفوس المجتمعين وفي نفس الحضور نوردها أدناه لما لها من التأثير.

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

السيدات والسادة الحضور الكريم،

أتشرف اليوم بالحضور بينكم في هذا المقام الكريم لتجديد التواصل المستمر والمشترك بيننا على أبواب ميلاد قانون جنائي جديد، سيساهم ولاشك في إرساء وتدعيم الترسانة القانونية لبلادنا يروم إلى تقوية دولة الحق والقانون في ظل الرعاية المولوية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، والتي تمثلت في إحداث تغييرات جذرية في مفهوم السلطة، وتوجت بدستور المملكة لفاتح يوليوز 2011 الذي شكل قفزة نوعية وضعت بلادنا في مصاف الدول المتقدمة، بسعيه إلى حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد الديني أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة، وسعيه كذلك إلى دمقرطة الحياة السياسية وتحسين الظروف الاجتماعية وحماية جميع فئات المجتمع خاصة الفئة الهشة المرأة والطفل، وجعل الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب تسمو على التشريعات الوطنية.

وقد كان لزاما على الدولة أن تعمل على ملائمة التشريعات مع المستجدات الدستورية وإيجاد آليات للعمل وأهم ما شملته هذه الملائمة قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي للمملكة وقانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي.

فأصبحت غاية كل فاعل في مجال حقوق الإنسان خلق فضاءات للنقاش والتحسيس بجميع المستجدات في هذا المجال.

وموضوع مداخلتي اليوم سوف ينكب على التعديلات التي جاء بها قانون رقم 13-103 وآليات الحماية التي خصها للمرأة والطفل، والدور التشاركي الذي أصبح منوطا بكل فاعل في الميدان من هيئات المجتمع المدني وقطاعات حكومية وغير حكومية.

فالمشرع المغربي قام بإدخال مجموعة من التعديلات طالت مقتضيات التجريم والعقاب وبعض الإجراءات المسطرية وذلك من خلال مايلي:

  • تحديد إطار مفاهيمي للعنف ضد المرأة بتحديد واضح لمختلف أشكاله.
  • تجريم بعض الأفعال باعتبارها عنفا يلحق ضررا بالمرأة (كالامتناع عن إرجاع الزوجة المطرودة من بيت الزوجية، الإكراه على الزواج، المساس بحرمة جسد المرأة…الخ).
  • تجريم بعض الأفعال باعتبارها صورا من صور التحرش الجنسي مع تشديد العقوبات عليها في حالة ارتكاب الفعل في ظروف معينة ومن طرف أشخاص محددين (أحد الأصول أو المحارم، زميل في العمل، شخص مكلف بحفظ النظام…الخ).
  • تشديد العقوبات على بعض الأفعال الموجهة ضد ”نساء في وضعيات خاصة” كالعنف ضد امرأة حامل أو ضد الزوج أو الطليقة بحضور الأبناء والوالدين.
  • اعتماد تدابير حمائية جديدة في إطار التدابير المسطرية (من قبيل: إبعاد الزوج المعتدي، إنذار المعدي بعدم الاعتداء، في حال التهديد بارتكاب العنف مع تعهده بعدم الاعتداء، إرجاع المحضون مع حاضنته إلى السكن، منع الاقتراب من الضحية أو من سكنها أو الأبناء، إشعار المعتدي بمنعه من التصرف في الأموال المشتركة للزوجين …الخ).
  • إحداث آليات للتكفل بالنساء ضحايا العنف.
  • اعتماد منهجيات وأطر مؤسساتية للتنسيق بين مختلف المتدخلين في مجال مناهضة العنف ضد النساء وحمايتهن (مثل السلطة القضائية، الأمن الوطني، الدرك الملكي، القطاعات الحكومية المعنية…الخ).

وبالتالي يمكن الحديث في هذا الباب وفق التفصيل التالي:

  • تعريف العنف في ظل القانون رقم 13-103
  • الأحكام الزجرية والمسطرية
  • آليات التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف

1-تعريف العنف في ظل القانون رقم   13-103:

       لقد خصص المشرع في الباب الأول من هذا القانون تعريفا واضحا للعنف يربط بين مختلف أوجهه، فعرف العنف ضد المرأة بأنه كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع أساسه التمييز بسبب الجنس يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة.

2-الأحكام الزجرية والمسطرية :

       تضمن قانون رقم 13-103 مجموعة من التعديلات والأحكام المغيرة والمتممة لمجموعة القانون الجنائي، سأحاول إيجازها أمامكم.

       فيما يخص المواد الزجرية ومضمونها نذكر:

  • تشديد العقوبة المنصوص عليها في الفصل 404 في حالة ارتكاب العنف اتجاه امرأة حامل أو في وضعية إعاقة.
  • تشديد عقوبة عدم تقديم مساعدة لشخص خطر في حالة ارتكابها من الزوج أو الخاطب أو الطليق أو أحد الأصول …..المنصوص عليه في الفصل 431.
  • تشديد العقوبة إذا ارتكب الاختطاف أو الاحتجاز من قبل الزوج (1-436).
  • تشديد العقوبة إذا ارتكب الاختطاف أو الاحتجاز ضد امرأة حامل (3-436).
  • تشديد عقوبة السب والقذف العلني إذا استهدف المرأة بسبب جنسها (444).
  • تجريم المس بالحياة الخاصة ببث أو توزيع صور أو تركيبات صوتية أو تسجيلات غير حقيقية أو وقائع بقصد التشهير بأصحابها (1-447 وما بعدها).
  • تجريم امتناع الزوج عن إرجاع الزوجة المطرودة من بيت الزوجية (1-480).
  • تجريم التحرش الجنسي في الفضاءات العامة أو عن طريق رسائل مكتوبة أو هاتفية (1-1-503).
  • تشديد عقوبة التحرش الجنسي إذا ارتكب من قبل زميل في العم (1-1-503).

10-تجريم الإكراه على الزواج (1-2-503).

11- تجريم والمعاقبة على تبديد الزوج أمواله بقصد الإضرار بالزوج الآخر والتحايل على مقتضيات مدونة الأسرة المتعلقة بالنفقة والسكن والمستحقات المترتبة عن إنهاء العلاقة الزوجية أو اقتسام المكان (1-526).

12- يمكن للنيابة العامة أو قاضي التحقيق أو المحكمة تلقائيا أو بطلب من الضحية في حالة المتابعة من أجل الجرائم المشار إليها في الفصل 88-1 الأمر بالمنع من الاتصال بالضحية أو الاقتراب من مكان تواجدها أو التواصل معها بأي وسيلة.

أما فيما يخص الأحكام المسطرية فقانون رقم 13-103 تضمن مجموعة من التغييرات المتعلقة بالمسطرة الجنائية نلخصها كما يلي:

  • تدابير حمائية جديدة :

حيث تتخذ في قضايا العنف ضد النساء وفورا التدابير الحمائية التالية :

  • إرجاع المحضون مع حاضنته إلى السكن المعين له من قبل المحكمة.
  • إنذار المعتدي بعدم الاعتداء، في حالة التهديد بارتكاب العنف، مع تعهده بعدم الاعتداء.
  • إشعار المعتدي بأنه يمنع عليه التصرف في الأموال المشتركة بين الزوجين.
  • إحالة الضحية على مراكز الاستشفاء قصد العلاج.
  • الأمر بالإيداع بمؤسسات الإيواء أو مؤسسات الرعاية الاجتماعية للمرأة المعنفة التي ترغب في ذلك.
  • جلسة سرية :

إذا تعلق الأمر بقضية عنف أو اعتداء جنسي ضد المرأة أو القاصر يمكن للضحية أن تطلب عقد جلسة المحاكمة سرية.

  • انتصاب الجمعيات كطرف مدني :

يمكن للجمعيات ذات نفع عام والمعنية بقضايا العنف ضد النساء الانتصاب كطرف مدني لكن بعد الحصول على إذن كتابي من الضحية.

3- آليات التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف

       أحدثت بموجب القانون المذكور خلايا ولجان مشتركة بين القطاعات الحكومية والغير الحكومية على مستوى محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية وبقطاع الصحة والشباب والمرأة وبالمديرية العامة للأمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي.

       كما أحدثت لجنة وطنية للتكفل بالنساء والأطفال يمكن أن يحضر أشغالها شخصيات وممثلون عن الهيئات الوطنية والمنظمات المعنية كلما رأت اللجنة فائدة في ذلك، وأحدثت كذلك بموجب هذا القانون على مستوى الدائرة القضائية لكل محكمة استئناف لجة جهوية وعلى مستوى المحكمة الابتدائية لجنة محلية.

السيدات والسادة الحضور

       كما تلاحظون فإن القانون الجنائي بتعديلاته في ظل قانون رقم 13-103 جاء شاملا لكل المستجدات وحاول تجريم العنف بمختلف أشكاله بل وشدد العقوبات في بعض الحالات وأوجب الجزاء في حالات أخرى، وهو شيء لا يمكن إلا أن نثمنه كثيرا، لأنني كممارسة لعمل النيابة العامة سأقول أن كل هذه التعديلات ستساهم في إيلاء حماية أكثر للمرأة.

       وكما تعلمون فإن القوانين لا يمكن تقييمها بشكل دقيق إلا بعد العمل بها وأن هناك مجموعة من المراسيم والدوريات يكون دورها سد أي فراغ يمكن أن يظهر فيما بعد.

       وأؤكد هنا أن جميع الفاعلين والمتدخلين في العدالة لهم إرادة قوية لجعل هذا البلد آمنا ودولة للحق والقانون في ظل الرعاية المولوية السامية.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

الأستاذة رابحة فتح النور

   النائبة الأولى لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الزجرية

     بالدار البيضاء ورئيسة خلية التكفل بالنساء والأطفال

وكدأبها في تغطية هذه اللقاءات كانت جريدة الوطن العربي والمرصد المغربي للصحافة والاعلام الرقمي والدبلوماسي الموازية حاضرة بكل طاقمها لتغطية هذا الحدث الهام الذي يهم المجتمع المغربي وخصوصا فيما يتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والأطفال، وقد كان اللقاء التواصلي لخلية التكفل بالنساء والأطفال جد مثمر وذو مردودية مستقبلا على النسيج العائلي بالمغرب.

اعداد : موفضيل