الرئيسية اعلام السلطة الخامسة: سلطة المواطن تتوسع صلاحيتها من يوم لآخر

السلطة الخامسة: سلطة المواطن تتوسع صلاحيتها من يوم لآخر

19 يونيو 2023 - 18:57
مشاركة

بقلم: عبد الحق الفكاك

بحكم اعتمادها على وسائل التواصل الاجتماعي, وتميزها بالسرعة الفائقة في نقل الخبر وتداوله بين الناس، بل وتجعل منه قضية راي عام بامتياز.

وبحكم هذه المميزات فقد انبرى الكثيرون الى انتقاد هذه السلطة مدعيا انها قد تفتقر الى المصداقية والمهنية لذلك يحاول البعض عبثا نعتها بالصحافة الصفراء، تلك الصحافة التي كانت في يوم ما تعتمد على الاثارة في نقل الاحدات، من خلال نشر الاخبار الكاذبة أو تلفيق التهم الباطلة.

ولأن منصات التواصل الاجتماعي تكاد تتصف بالشعبية ، لاستخدامها اكثر فأكثر من قبل جمهور غفير من الطبقات الشعبيه المتوسطة والفقيرة ، فلا غرابة ان تقع اصطدامات بين مستخدميها من حين و لاخر.

إذ لا يتورع احد الأطراف، من استغلال بيانات ومنشورات الطرف الاخر في شن حملات التشهير، مما يزيد من حدة التحامل على بعضهم البعض ، وهو الأمر الذي قد لوٌٓث هذا الفضاء الازرق، وجعله اقل حماية و امنا .

لكن ،هذا لم يمنع هذه السلطة الخامسة من فرض سطوتها على المجتمع، من خلال اثارة القضايا المسكوت عنها وبالتالي إسماع صوت المظلومين وفضح الفاسدين.

فكانت لتلك المنشورات وما خلفته من تفاعل إيجابي ،من طرف المواطنين والمسؤولين على حد سواء، اشارات قوية و بشائر خير تُنبئ ببزوغ فجر إعلام جديد يؤسس لميلاد مجتمع افتراضي ،تتجاوز حدوده جغرافية الزمان والمكان .

مجتمع يمكن ان يصل تاثير ” نُشطائه ورواده ” الى كل شعوب العالم ونقل تظلماتهم المسؤولين بالصوت والصورة وبالسرعة المطلوبة؟

تلك هي السلطة الخامسة، وان شئت قل هي سلطة المواطن “الذكي” الذي يعرف جيدا كيف يحول الكرة الأرضية الى ساحة مفتوحة ، متسلحا بالمهارات والتقنيات التي أتاحتها التكنولوجية الحديثة.

فلا ضير إذٓٓا، ان يجعل هذا المواطن من نفسه صحفيا حرا، يسجل ويصور بالهاتف كل ما يثير انتباهه، ويشبع فضوله، ليتقاسمه مع الناس بلا خوف ولا محاباة.

وما احوجنا اليوم الى الاستفادة من هذه السلطة الخامسة لجعلها في خدمة التنمية اعلاميا، سياسيا واقتصاديا .

ودلك بتمهيد الطريق امام سلطة المواطن هته ،وعدم التضييق على حريته في كشف المستور و تناوله لمختلف القضايا ،طالما التزم باحترام سيادة القانون، ودون المس بخصوصية الافراد او التلاعب بمشاعرهم .

ولقد كان المواطن بالأمس القريب ملزما بتقديم طلب الحصول على رخصة للتصوير، أو أخد لقطات لحدث ما، حيث كان عليه أن يقدم الوتائق اللازمة و ينتظر ردحا من الزمن ليفاجئه أحدهم بأن طلبه مرفوض لأسباب أمنية .

واليوم، وقد تبدلت الأحوال ولم يعد بالإمكان إخفاء الشمس بالغربال، بعد أن أصبح شباب العالم ومعهم كل افراد العائلات مولعين بالتصوير أيما كانت المناسبة .

فلم يعد مستغربا أن تتابع حفلا ما ،فتنتبه الى أن الجمهور من خلفك قد وجه كامرات الهواتف يسجل كل شيء بالصوت والصورة .

وكدلك الشأن وأنت تستقل حافلة ما، لابد أن تلاحظ بأن أكتر المسافريين قد هٓموا بإلتقاط صور أو مقاطع فيديو ،لكل ما تقع عليه أعينهم ،وقل متل دلك حين وقوع حادثة أو كلما شب حريقه .

إنها حقا بوادر ظهور صحافة ناشئة، آخدة في التشكل بفعل إنتشار أجهزة الإتصال الشعبية ،و كدا تزايد الوعي الجماهري بأهمية توتيق المشاهد و الأحدات .

هده الصحافة التي تحاول أن تجد لنفسها موطئ قدم إلى جانب المهنيين من رجال الإعلام، مهما كلفها الأمر من قمع أو مصادرة لآلات التصوير .

وبالرغم من إفتقار العديد من الممارسين لهذه ” الصحافة ” للمهنية والأجهزة العالية الجودة، فإن كتير من مسؤولي الجرائد و القنوات الفضائية يعترفون بالخدمات الجليلة التي اصبح يقدمها لهم هؤلاء الناس كتوفير الصور أو مقاطع الفيديو .

فلا عجب إدا، أن يتضايق البعض من حضور هؤلاء ” الفضوليين ” في مسرح الأحداث وإعتبارهم أشخاصا غير مرغوب فيهم، بدعوى تصويرهم لما لا ينبغي تصويره حينا ،أو لإتهامهم بعدم الحياد أحيانا أخرى ..؟

و سواء قبلنا بها أو لم نقبل ، فإننا بدون شك نعيش لحظة ميلاد سلطة جديدة .. سلطة تفرض وجودها علينا و يكتمل حضورها بيننا يوما بعد آخر .

بل ويكثر رواد هذه ” الصحافة ” يوما بعد اخر ،و يزداد مريديها ، فهي اكسبتهم قوة ونفودا ، فهامٓ في حبها الصغار والكبار ، لما لمسوا فيها من سلطة، جعلت اعدادهم في تزايد مستمر.

فانت اليوم تراهم هنا وهناك ،في الاسواق كما المنتديات ، بين الأزقة والشوارع ، يحشرون أنفهم في كل صغيرة وكبيرة يقومون بتصوير كل شيئ ،وهم لا يخشون في الله لومة لائم

إنها موجة جديدة ركبها إنسان العصر وغذتها التقنيات الجديدة، ثم زكتها الظرفية الجديدة حيت تكريس حرية التعبير ،و تزايد المطالب الشعبية بالحق في الوصول إلى المعلومة وتداولها بكل حرية .

تلك هي صحافة الهواة أو السلطة الخامسة كما يحلو للبعض أن ينعتها ،وهي اليوم تشهد انتشارا واسعا رغم انف الجميع و محاولة البعض من كبح جماحها.

إلا انها ستبقى ظاهرة لا يمكن منعها أو تسييجها بالخطوط الحمراء أو الصفراء، لأنها وبكل بساطة لن تخضع لأية وصاية.

فهي هكذا وُجدت ، لانها ولدت على الهامش ،ولن تنمو إلا مع التحولات، وستعيش في قلب الأحداث .. لذلك لن تعترف إلا بالحرية عقيدة ومذهبا .