الرئيسية مجتمع “حصيلةٌ أم حـــصــلة”؟! فضاء سيدي عبدالكريم لتجارة القرب .. سوق فارغ يلتهم ملايين من أموال التنمية البشرية

“حصيلةٌ أم حـــصــلة”؟! فضاء سيدي عبدالكريم لتجارة القرب .. سوق فارغ يلتهم ملايين من أموال التنمية البشرية

10 يناير 2024 - 18:45
مشاركة

محمد وردي من سطات// الوطن العربي 

يبدو أن فكرة إنشاء فضاء تجارة القرب بمدينة سطات انبثقت من رغبة في توطين الباعة الجائلين في مكان موحد، لكنّ المشروع فشل، وبالتالي هو هدر للمال العام، كما هو الحال لبعض المشاريع الاخرى التي حطت الرحال بأمكنة مختلفة وسط عاصمة الشاوية قبل تصفية عقارها، الشيء الذي أجًل إخراجها إلى الوجود مع طول انتظار المستفيدين في ظروف غامضة شكلت موضوع تساؤلات عدة لدى الراي العام ولنا في ذلك عودة عما قريب.

فضاء سيدي عبدالكريم لتجارة القرب.. هو إذن سوق قد جرى بناؤه في مكان غير ملائم، باعتباره ممرا رئيسيا تعبر منه المركبات الميكانيكية والعربات المجرورة والدراجات النارية بانسيابية، إضافة الى تسهيل ولوج عدد كبير من قاطني حي سيدي عبدالكريم وسط المدينة، فضلا عن تقريبه للمسافات وربح الأوقات لفائدة الراجلين، بل الأكثر من ذلك أنه يحاصر حرمتي مؤسسة تعليمية ومقبرة بالحي نفسه.

السوق جرى إنشاؤه من أجل احتواء الباعة المتجولين، لكنّ الأموال التي أنشىء بها السوق، مصدر جزء منها يعود إلى مساهمة صندوق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إذ تبدو طريقة صرْفها أشبه برمْيها في واد سحيق. لقد ظل منذ إنشائه ، خاويا على عروشه إلا من بعض الباعة المعدودين على رؤوس الأصابع في الجهة المقابلة لبيع الملابس.

والغريب في الأمر أن السوق أصبح الان عبارة عن أطلال تسكنه القطط والحشرات الضارة والقوارض وهو ما بات يشكل مصدر روائح كريهة عند مدخله، لكثرة الاوساخ الموجودة فيه، وقد تزداد الاوضاع سوء عند تهاطل الامطار نظرا لوجود أثقاب في أسقفه . فلا دراسة مسبقة إذن ولا مقاربة تشاركية مع الباعة الجائلين أمام ذهول وتذمر الساكنة آنذاك ، مما يتضح جليا أن عاصمة الشاوية فشلت في جلب هؤلاء الباعة الجائلين الى بنايات تجارية نموذجية مهجورة، شيدت دون استحضار الشروط الكفيلة بنجاحها، نظرا لغياب رؤية شمولية استباقية تتماشى والنموذج التنموي الجديد .

وحسب الإفادات التي أدلى بها بعض الباعة القليلين الموجودين في السوق لجريدة الوطن العربي، فقد استفاد أشخاص من مربعات البيع وقاموا بإعادة بيعها لأشخاص آخرين، ومنهم من ظل محتفظا بها، تاركا إياها فارغة بدل استغلالها نظرا لضيق مساحة رقعتها..وبقيت دار لقمان على حالها.

كما أفادت مصادر اخرى متطابقة لجريدة الوطن العربي، بأن وضعية أسواق القرب بسطات التي يشهد عدد منها إهمالا كبيرا، قد تطرح على طاولة الجماعة، خلال دوراتها المقبلة ، حيث ينتظر أن يتم الكشف عن حيثيات إهمال هذه الأسواق التي كلفت ميزانيات ضخمة، إلا أن الشركات المكلفة من لدن الجماعة تخلت عن دورها في التجديد والمراقبة، حيث أضحى الباعة المتجولون يطوقون هذه الأسواق في عدة أحياء بالمدينة.
وتجدر الاشارة الى إن هذه الأسواق جاءت بهدف النهوض بالاقتصاد التضامني والاجتماعي، وإدماج التجارة غير المهيكلة ضمن النسيج الاقتصادي، إضافة إلى تحسين الجودة والسلامة الصحية للمنتجات المعروضة للبيع، فضلا عن تحسين ظروف اشتغال الباعة بالتجوال وضمان استقرارهم، واجتثاث البنيات العشوائية، بهدف تحرير الملك العام والارتقاء بجاذبية المشهد الحضري للمدينة.

وكان من المفروض اعتماد مقاربة تشاركية لتسيير هذه المرافق في أحسن الظروف المطلوبة، من خلال إسناد التسيير اليومي لجمعيات وفيدراليات التجار الممثلة للباعة المتجولين والمكلفة بالنظافة، وتأدية فواتير الماء والكهرباء. أما في ما يخص نظافة محيط هذه الأسواق، فستبقى من اختصاص مجلس جماعة سطات ، الذي أسند هذه المهمة لشركات خاصة في إطار التدبير المفوض، والتي تولي أهمية خاصة لتنقية محيط هذه الأسواق، تحقيقا للأهداف المتوخاة من هذه المرافق الحيوية الهامة، إلى جانب الحفاظ على صحة وسلامة المرتفقين.

للإشارة، فإن المجتمع المدني يطالب السلطات المعنية بضرورة العمل على تحديث هذه الأسواق بشكل سنوي، لتفادي الوضعية القائمة، وبالتالي عودة ظاهرة «الفراشة» والفوضى المرافقة لها. وطالبت أصوات محلية، بالعمل على تخصيص «كوطا» من مداخيل هذه الأسواق لفائدة النظافة والتأهيل.