الرئيسية سلايدر سوق منجز في إطار مبادرة التنمية البشرية بسطات يتحول إلى بناية مهجورة

سوق منجز في إطار مبادرة التنمية البشرية بسطات يتحول إلى بناية مهجورة

22 يونيو 2025 - 13:54
مشاركة

محمد وردي من سطات// الوطن العربي 

“حصيلةٌ أم حـــصــلة”؟! فضاء سيدي عبدالكريم لتجارة القرب .. سوق فارغ يلتهم ملايين من أموال التنمية البشرية…اموال يكتنفها الغموض في مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية باقليم سطات و ملفات حارقة  تستدعي داخلية الرباط للتفتيش في هذا الشان .

يبدو، أن فكرة إنشاء فضاء تجارة القرب بمدينة سطات انبثقت من رغبة في توطين الباعة الجائلين في مكان موحد، لكنّ المشروع فشل، وبالتالي هو هدر للمال العام، كما هو الحال لبعض المشاريع الاخرى التي حطت الرحال بأمكنة مختلفة وسط عاصمة الشاوية قبل تصفية عقارها، الشيء الذي أجًل إخراجها إلى الوجود مع طول انتظار المستفيدين في ظروف غامضة شكلت موضوع تساؤلات عدة لدى الراي العام ولنا في ذلك عودة عما قريب.

فضاء سيدي عبدالكريم لتجارة القرب.. هو إذن سوق قد جرى بناؤه في مكان غير ملائم، باعتباره ممرا رئيسيا تعبر منه المركبات الميكانيكية والعربات المجرورة والدراجات النارية بانسيابية، إضافة الى تسهيل ولوج عدد كبير من قاطني حي سيدي عبدالكريم وسط المدينة، فضلا عن تقريبه للمسافات وربح الأوقات لفائدة الراجلين، بل الأكثر من ذلك أنه يحاصر حرمتي مؤسسة تعليمية ومقبرة بالحي نفسه.

السوق جرى إنشاؤه من أجل احتواء الباعة المتجولين، لكنّ الأموال التي أنشىء بها السوق، مصدر جزء منها يعود إلى مساهمة صندوق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إذ تبدو طريقة صرْفها أشبه برمْيها في واد سحيق. لقد ظل منذ إنشائه ، خاويا على عروشه إلا من بعض الباعة المعدودين على رؤوس الأصابع في الجهة المقابلة لبيع الملابس.

والغريب في الأمر أن السوق أصبح الان عبارة عن أطلال تسكنه القطط والحشرات الضارة والقوارض وهو ما بات يشكل مصدر روائح كريهة عند مدخله، لكثرة الاوساخ الموجودة فيه، وقد تزداد الاوضاع سوء عند تهاطل الامطار نظرا لوجود أثقاب في أسقفه . فلا دراسة مسبقة إذن ولا مقاربة تشاركية مع الباعة الجائلين أمام ذهول وتذمر الساكنة آنذاك ، مما يتضح جليا أن عاصمة الشاوية فشلت في جلب هؤلاء الباعة الجائلين الى بنايات تجارية نموذجية مهجورة، شيدت دون استحضار الشروط الكفيلة بنجاحها، نظرا لغياب رؤية شمولية استباقية تتماشى والنموذج التنموي الجديد .

وحسب الإفادات التي أدلى بها بعض الباعة القليلين الموجودين في السوق لجريدة الوطن العربي، فقد استفاد أشخاص من مربعات البيع وقاموا بإعادة بيعها لأشخاص آخرين، ومنهم من ظل محتفظا بها، تاركا إياها فارغة بدل استغلالها نظرا لضيق مساحة رقعتها..وبقيت دار لقمان على حالها.

وتجدر الاشارة الى إن هذه الأسواق جاءت بهدف النهوض بالاقتصاد التضامني والاجتماعي، وإدماج التجارة غير المهيكلة ضمن النسيج الاقتصادي، إضافة إلى تحسين الجودة والسلامة الصحية للمنتجات المعروضة للبيع، فضلا عن تحسين ظروف اشتغال الباعة بالتجوال وضمان استقرارهم، واجتثاث البنيات العشوائية، بهدف تحرير الملك العام والارتقاء بجاذبية المشهد الحضري للمدينة.

وكان من المفروض اعتماد مقاربة تشاركية لتسيير هذه المرافق في أحسن الظروف المطلوبة، من خلال إسناد التسيير اليومي لجمعيات وفيدراليات التجار الممثلة للباعة المتجولين والمكلفة بالنظافة، وتأدية فواتير الماء والكهرباء. أما في ما يخص نظافة محيط هذه الأسواق، فستبقى من اختصاص مجلس جماعة سطات ، الذي أسند هذه المهمة لشركات خاصة في إطار التدبير المفوض، والتي تولي أهمية خاصة لتنقية محيط هذه الأسواق، تحقيقا للأهداف المتوخاة من هذه المرافق الحيوية الهامة، إلى جانب الحفاظ على صحة وسلامة المرتفقين.

وفي سياق متصل ، استنكر فاعلون جمعويون بسطات ما وصفوه بالحالة المزرية التي آل إليها فضاء سيدي عبدالكريم لتجارة القرب،المنجز في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بعد أن تحول مع مرور السنوات إلى بناية مهجورة، دون أن تتحرك المصالح المختصة لفتح تحقيق بشأن الأسباب الحقيقية وراء إهمال وتهميش هذا المشروع الذي استنزف ميزانية مهمة من أموال المبادرة على غرار باقي الاسواق بالمدينة وهو ما يفرض إعمال بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسية،

وفي هذا الصدد ناشد عدد من المواطنين في تصريحات متطابقة لجريدة الوطن العربي عامل الإقليم، السيد محمد علي حبوها، بالتدخل العاجل في اتخاذ القارات والإجراءات الإدارية اللازمة في هذا الشان، ضد “اخطبوط الغفلة واستغلال الفرصة ” للحد من مآسي مخلفات الفساد التي تنخر المجتمع وتنشل حقوقه وتهضم كرامته، مطالبين من خلاله بإيفاذ لجنة تابعة لمفتشية الداخلية بالرباط وكذا الجهات المسؤولة في هذا الشان،قصد التحقيق والتفحيص وضبط الاختلالات و المخالفات المرتكبة في عدد من المشاريع بالاقليم ، ومتابعة المتورطين المشتبه فيهم في تبدير اموال مبادرة الملك، إذ وصفت بعض المشارع  ب”العشوائية” على مستوى اقليم سطات في ظل غياب المراقبة والتتبع والمواكبة ، و منها من لا يستوفي الشروط والضوابط القانونية بل لايستجيب للمعايير والمواصفات الوطنية لمزوالة النشاط التجاري، و غيره، حيث تفتقر الى ابسط ظروف العيش الكريم والاستقرار ، في ظل غياب دراسة قبلية شاملة ورؤية استباقية تنموية هادفة ، وهو ما يظهر جليا على مستوى مشروع فضاء سيدي عبدالكريم لتجارة القرب الذي يعرف كارثة بيئية خانقة، بل أضحى عبارة عن مكان قذر تفوح منه روائح كريهة تزكم أنوف المارة، ناهيك عن أعمال التخريب وإتلاف بعض معداته ، الأمر الذي ترك تساؤلات عديدة لدى المهتمين بالشأن المحلي.

وهو ما فتح المجال للمتشردين والدواب الذين حولوه إلى ملاذ آمن لهم، وهي دلالة واضحة على هدر المال العام وسوء التدبير. خاصة أن من شأن هذا المشروع تشكيل دعامة جديدة في تنشيط الرواج التجاري المحلي، عبر إحداث فرص للشغل وأنشطة موازية أخرى، يمكن أن تدر مورد رزق قار لمجموعة من الأشخاص، على اعتبار أن محلات فضاء سيدي عبدالكريم لتجارة القرب منحت في الأصل لمجموعة من الباعة المتجولين من الفئات الفقيرة، في إطار الأهداف الكبرى لروح المبادرة، والرامية إلى محاربة الفقر والهشاشة، والتقليص من التداعيات السلبية لظاهرة الباعة المتجولين التي كانت تعرف تناميا مستمرا بجل أحياء مدينة سطات، في غياب فرص شغل بديلة، قبل أن يتم التخلص منها تدريجيا بفضل الحملات المتواصلة التي تقوم بها السلطات المحلية واعوانهم والمدعومة بأفراد من عناصر الامن الوطني و القوات المساعدة وممثلي الشرطة الادارية الجماعية والمنتخبة وعمال النظافة والمتدخلين و التي تروم القطع مع العشوائية وفوضى الباعة ، بقيادة باشا المدينة، وفق تعليمات صارمة للمسؤول الترابي لعمالة اقليم سطات السيد محمد علي حبوها، والتي لقيت استحسانا وترحيبا بالغين من ساكنة المدينة من خلال تقليص حدة الظاهرة.