الرئيسية سلايدر مغرب ما بعد كورونا

مغرب ما بعد كورونا

9 يوليو 2020 - 0:47
مشاركة

جدل بدأ أيام الجائحة حول ” مغرب ما بعد كورونا ” ..نقاش خاضت فيه العامة قبل النخبة ، وقد كثرت التكهنات واختلف الناس .

لكن مع مرور الوقت ، تكاد الآراء تتفق على أن بلدنا سيشهد تغييرا شاملا قد يطال كل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما فيها الحياة السياسية.

وبالرغم من اختلاف وجهات النظر حول المغرب الدي يريده الناس ، فإن البعض يكاد يجزم بأن لا شيئ سيتغير ، لكن وبعد الدي جرى فإنه علينا أن نسلم بأن المغرب لن يكون كما كان زمن كورونا ؟

والآن وقد تقرر ان يخرج الناس من تحت الحجر ، كي تبدا عجلة الإقتصاد في الدوران ، أصبح من الممكن التحدت عن مغرب ما بعد كورونا ، خاصة وأن البلاد على موعد قريب مع استحقاقات اخرى لانتخاب برلمان جديد .

ولقد إجتاز المغاربة امتحانات الجائحة و اكراهاتها بنجاح مستحق يعكس تطلع الجميع إلى تبني نموذج تنموي جديد ، كانت العديد من مكونات المجتمع المدني قبل كورونا قد شرعت في تقديم مقترحاتها .

إدا، هي فرصة تاريخية أخرى يجب أن تستثمر على الوجه الصحيح ، ولا مبرر لإضاعة المزيد من الوقت، إد ينبغي الحسم في النقاش الجاري حول الخيارات السياسية المتداولة ومنها التمديد للبرلمان الحالي بمجلسيه النواب والمستشارين .

و الأهم هو أن يركز الاهتمام كله حول آلية التصويت و التقطيع الإنتخابي المقترح مع الإسراع في إستكمال بناء هياكل الجهوية المتقدمة .

ولا ضير أن يفسح المجال لإجراء التعديلات الدستورية المقترحة والتي يرى البعض انها باتت ضرورية لتعزيز المسار الديمقراطي، خاصة تلك المتعلقة بالحزب الدي يجب ان تسند اليه مهمة تشكيل الحكومة.

وبإعادة عقارب الساعة إلى اللحظات الاولى من الأشهر التلاتة التي عاشها المغاربة إبان إجتياح فيروس كورونا ، فإننا سنقف على عدة إجراءات غير مسبوقة اتخدها المغرب من قبيل :

العزل المنزلي .. التباعد الاجتماعي .. تعقيم شامل .. ضرورة غسل اليدين بإستمرار .. إجبارية ارتداء الكمامة .. الحجر الصحي .. بث وصلات إشهار لا تتوقف ليل نهار .. إطلاق حملات توعية وتحسيس .. متابعة إعلامية

تعطيل الدراسة .. وقف الدوري المغربي .. إقفال المقاهي ، الحمامات، الأسواق والشركات الصناعية والمحلات التجارية .. حظر التجول والسفر والرحلات البرية ، البحرية والجوية ..

ندوات صحفية .. برامج حوارية .. تسخير كل الامكانيات بالمراكز الطبية وبناء مستشفيات ميدانية واستدعاء الأطباء ،الممرضين ،المساعدين الاجتماعيين ، متطوعي التعاون الوطني والهلال الأحمر .

تعبئة اساطيل سيارات الإسعاف و الوقاية المدنية .. استنفار كل قوات السلطات العمومية بما فيها الجيش .. إعلان حالة الطوارئ .

وكلها قرارات استباقية اتخدتها الدولة من أجل حماية وسلامة صحة المواطنين .. قرارات مهمة وخيارات صعبة .. بدت لاول وهلة انها قاسية ..

لكن ، ومع الايام ادرك الناس أهمية هذه الإجراءات في مواجهة ازمة فيروس كورونا .. ورأى فيها الجميع انها قرارات حكيمة جنبت البلاد وقوع كارتة حقيقية كانت ستزهق ارواح ضحايا بأعداد كبيرة ، بحيت يقول الخبراء بأنه كان لا قدر الله سيسجل 200 وفاة يوميا بالمملكة !

والحمد لله بفضل تظافر مجهودات الجميع والتدبير الجيد للازمة يخرج المغرب من الجائحة بأقل الخسارات ، بل كان من ثمرات هذه الإجراءات تقوية أواصر الثقة بين المواطنين و السلطات المركزية والمحلية .

ولعل أيام الجائحة كشفت بوضوح الحاجة الماسة لانخراط الأحزاب السياسية في المعركة ضد فيروس كوفيد 19، من خلال إقتراح برامج استعجالية قابلة للتنفيذ أو بالقيام بمبادرات تهذف إلى المساهمة في التخفيف من تداعيات كورونا .

من المؤكد أن موازين القوى السياسية لن تبقى كما كانت قبل كورونا ، فإجراء تعديل على الفصل 47 من الدستور وحده قد لايكفي بل لابد من إعادة النظر في العديد من البنود المتعلقة بالمجالس المتخذة.

لا شك ان الشعور بالإمتعاض والملل الدي عبرت عنه بعض النخب السياسية جراء طول حكم الإسلاميين وتصدرهم للمشهد السياسي، قد يعجل بضرورة تبني فكرة قيام حكومة ائتلاف وطني تشرف على كل الإصلاحات و الاستحقاقات المقبلة .

وحتى في المدن الكبرى فقد لاح في الأفق ضرورة العودة إلى نمط الإقتراع والترشيح حسب الدائرة بدل اعتماد اللائحة، نظرا لما افرزته هذه الأخيرة من مشاكل مست تشكيل التحالفات لإنتخاب رؤساء المقاطعات و العمداء .

ومهما يكن ، فإن التغيير المرتقب لمغرب ما بعد كورونا لن يكون إلا سياسيا ، خاصة أن غالبية الفاعلين السياسيين رأوا في أداء رئيس الحكومة ضعفا وارتجالا، بالنظر إلى خرجاته الإعلامية التي اعقبتها انتقادات من اكتر من جهة واحدة .

والواضح أن المغربة سجلوا بارتياح كامل التدخلات الموفقة و التحركات المكثفة لأعضاء لجنة اليقظة بما فيهم من وزراء الداخلية ، الصحة ، الفلاحة و الاقتصاد مما طرح سؤالا كبيرا حول غياب باقي مكونات الحكومة.

لا ريب أن تنامي وعي الشعب ورغبته في متابعة كل صغيرة وكبيرة يدفع حاليا بضرورة التعجيل بإصلاحات سياسية ودستورية تحترم إرادة الناخب و تسمح بانتخاب حكومة سياسية تقوى على تلبية انتظارات الجماهير وضمان الإستقرار.

بقلم عبد الحق الفكاك