الرئيسية سلايدر المادة 16 من مدونة الأسرة و مطلب التعديل

المادة 16 من مدونة الأسرة و مطلب التعديل

15 مارس 2019 - 15:49
مشاركة

إعداد الأستاذة : فـتـيحة أجــيـب

ينص الدستور المغربي على أن الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع ،و أن الدولة مكفولة بها من خلال الحماية الحقوقية والاجتماعية ، والاقتصادية الأسرة بما يحقق وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها.
كما ينص الفصل 19 من الباب الثاني الخاص بالحريات والحقوق الاساسية ، على ان الرجل والمرأة يتمتعان على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية، والسياسية ، و الإقتصادية ،و الاجتماعية ، والثقافية ،والبيئية. إلا أن تنظيم مؤسسة الزواج كما هو في التشريع المغربي ال يعكس هذه المقتضيات التي ينص عليها الدستور ، فمن خلال التطبيق العملي لمدونة الأسرة وبعد مضي 15 سنة على صدورها، تطرح عدة إشكالات تنعكس سلبا على حماية حقوق المرأة ،وضمان مصلحة الأطفال.
فال شك في أن مدونة الأسرة المغربية شكلت بحق ثورة اجتماعية بالنظر إلى سياق الملابسات وحيثيات صياغتها ، و بالنظر إلى مرتكزاتها الاساسية من خالل الموائمة بين معطيات واقعية ضاغطة و مرجعية تشريعية وطنية ،تتمثل في الفقه الإسلامي و مرجعية حقوقية دولية تتجلى في القوانين والمواثيق الدولية.
إن التزام المغرب عند المصادقة على جميع الاتفاقيات والمواثيق الدولية ؛ وخاصة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وكذا اتفاقية حقوق الطفل استوجب تشريعا قانونيا خاصا بالأسرة يكرس مبدأ المساواة ،والعدل بين الرجل والمرأة ؛ وتحقيق الإنصاف المطلوب للنساء وحفظ كرامتهن و صيانة حقوق االطفال .
ومن المقتضيات الواردة في مدونة الأسرة الحالية والتي عكست هذا التصور :
1 .جعل رعاية الأسرة تحت إمرة الزوجين بدل المدونة السابقة التي كانت تضع الأسرة تحت رعاية الزوج.
2 .المساواة في سن الزواج 18سنة كحد أدنى للفتى والفتاة.
3 .المساواة بين البنت والولد المحضونين في سن 15 سنة لكل منهما، بدل 12 سنة للبنت و 15 سنة للولد الاختيار في المدونة السابقة.
4 .جعل الولاية في الزواج حقا تمارسه المرأة حسب اختيارها.
5 .إقرار إمكانية الطالق االتفاقي بين الزوج و الزوجة. في مدونة الأسرة والتي كان من المفترض أن تحمي حقوق المرأة و كرامة الرجل و مصالح الأطفال ، وتحقق الاستقرار والتمكين الأسرة ، اعترضتها مجموعة من الإشكالات والاختلالات التي حالت دون تحقيق الأهداف المرجوة من التشريع.
و من هذه الإشكالات مثال المادة 16 والخاصة بثبوت الزوجية ففي هذه المادة اعتبرت مدونة الأسرة أن الزواج هو الوثيقة الوحيدة لإثبات العلاقة الزوجية و تعتبر وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج .”وفتحت الباب امام الزيجات غير الموثقة كي تتقدم بدعوى الزوجية للحصول على ثبوتها : ” إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته ، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة.
” وأكدت المادة أيضا على ما يلي : ” تأخذ المحكمة بعين الاعتبار وهي تنظر في دعوى الزوجية وجود أطفال أو حمل ناتج عن العالقة الزوجية ؛وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين.” وحددت لذلك خمس سنوات من تاريخ صدور المدونة : ” يعمل بسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية الا تتعدى خمس سنوات ؛ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ.” ونظرا لعدم تحقيق النتيجة المتوفاة من المهلة الأولى لتوثيق الزيجات؛ فقد تم تمديد الفترة االستثنائيةلسماع دعوى الزوجية مرتين انتهت آخرها في الرابع من شهر فبراير 2019.
ويؤكد كثير من الدارسين وفقهاء القانون أن المادة 16 تعترضها عدة إشكالات نذكر منها:
1 .عدم وجود تحديد دقيق لمعنى األاسباب القاهرة.
2 .في كون التوثيق ال يدخل في ماهية العقد وإنما هو إجراء إداري .
3 .وجود زيجات غير موثقة قد تضيع معها المصالح و الحقوق .
4 .في تحديد فترة خمس سنوات بحيث يطرح كل مرة ماذا بعد نهاية المدة. نحن فعال أمام إشكال قانوني بحيث مكنت الثغرات الموجودة في المادة 16 من التراجع عن المكتسبات التي جاءت المدونة أصال لتحقيقها ؛من النهوض بحقوق المرأة وحماية مصلحة الأطفال وحماية مؤسسة الأسرة .
فالغاية المتوخاة من المادة القانونية والتي كانت هي الحسم نهائيا مع زواج الفاتحة .أصبحت المادة نفسها مدخال مشجعا على الزواج غير الموثق ؛ وذلك بأنه يمكن ألي كان أن يتزوج زواج الفاتحة ؛ ثم بعد ذلك يتقدم أمام القضاء بدعوى ثبوت الزوجية ويحصل على ثبوت الزوجية إذا ما احترم الشروط الشكلية للمسطرة. ومع ما يطرحه زواج الفاتحة من أثار سلبية على المرأة و الطفل خاصة إذ أنه بالسهولة بمكان يمكن التنكر للزوجة والأطفال مما يجعلنا أمام أسر هشة مجردة من أي حماية قانونية ؛ في بانعدام الوثيقة يحرم الأطفال من حقوقهم في النسب والهوية والتمدرس و غيرها من الحقوق وبذلك يكون القانون قد سهل أصحاب النوايا السيئة تحقيق أغراضهم .
وبالرجوع إلى الأرقام والإحصاءات التي تقدمها وزارة العدل فإن نسبة ثبوت الزوجية قد ارتفعت من 6918 حكم سجل سنة 2004 إلى 23057سنة 2013 ( هذا الرقم يبرز المجهودات التي تبدلها الوزارة الوصية و جمعيات المجتمع المدني المشتغلة في الموضوع (.إال أن التعديل التقني الذي كان يطرأ على القاعدة القانونية في كل فترة انتقالية ربما حول الاستثناءات الموجود في صياغة النص إلى قاعدة وهو ما يجعلنا نتساءل حول ألاسباب ؛ لماذا الا يوثق الناس زواجهم.
ومما سجلنا كملاحظين مدنيين من خالل الحالات الواردة على مركز البتول للاستماع و التوجيه القانوني والوساطة الأسرية ، أو من خلال إشرافي على حملة للتوعية والتحسيس عند قرب نهاية الآجال الثانية لسنة 2014 بمدينة الدار البيضاء ،و التي كانت تهدف إلى توعية المواطنين والمواطنات بقرب نهاية الآجال وتشجيعهم على توثيق عقودهم ؛وكذا عقد جلسات استماع لحالات الزيجات غير الموثقة بغية توجيهها .وكان من نتائج هذة الحملة حسب تقاريرها أن أغلب الحالات كانت خاصة بالتعدد ؛ تليها في مرتبة ثانية زواج القاصرات ،ثم انتشار بعض الفتاوى التي لا تؤمن بالتوثيق ؛ وكذلك هناك حالات التراخي والتساهل وعدم الوعي.